بينما ينتظر تحديد مصيره على أيدي سلطات الهجرة الهولندية، قام أول شخص تمت تبرئته من تهم بإرتكاب جرائم ضد الإنسانية من قبل المحكمة الجنائية الدولية، ماتيو نقودجولو، بالموافقة على إجراء مقابلة رائعة عن سنوات سجنه التي تقارب الخمس في لاهاي. في المقابلة، عبر نقودجولو عن حيرته فيما يخص التهم الموجهة اليه. في اتهاماته (“كان هناك أشخاص أقوى بكثير. و قد قام القيادي فيFNI، فلوريبرت نقابو حتى بتقديم شهادته كشاهد، ولكن لم توجه اليه تهم. كما لم يتم توجيه الاتهام أبدا للرئيس الكونغولي جوزيف كابيلا.”). تحدث نقودجولو كذلك عن أنشطته اليومية (بناء قضيته، و لعب التنس وكرة القدم)، و تحدث عن الروابط الغريبة التي تنشأ بين نزلاء أحدى السجون الدولية (“عندما وصلت في العام 2008 كان المكان هادئا لأنه لم يكن هناك الكثير من الناس. لوبانغا وتشارلز تايلور [الرئيس السابق لليبيريا] كانا هناك بالفعل؛ وجان بيير بيمبا [نائب الرئيس السابق لجمهورية الكونغو الديمقراطية] وغيرهمممن أتوا في وقت لاحق. لم تكن كانت هنالك أية مشاكل على الإطلاق أبدا. في الليل كنا نتناول العشاء معا.”)، و أفضى نقودجولو كذلك بمجموعة من الحكايات الأخرى المثيرة للاهتمام…
و لكن الشئ الأكثر إثارة للدهشة، مع ذلك، هو دعم نغودجولو الذى لا رجعة فيه للمحكمة! :
ما زلت أؤيد المحكمة. العالم بحاجة إلى محكمة جنائية دولية قوية وأنا أول من يدعمها. و لكن المحكمة في الوقت الراهن لا تعمل بشكل جيد. نحن بحاجة لدعم و تأييد الناس و السياسيين حتى تتمكن المحكمة من أن تحاكم الجميع. في الوقت الحالي الكثير من الناس لا تتم محاكمتهم لأسباب سياسية.
اليكم في هذه الوقفة ثلاثة أفكار بخصوص جملة الوصف المبالغة تبخيساً لسوء أداء المحكمة: ” في الوقت الراهن لا تعمل بشكل جيد”:
دعونا نركز حديثنا عن ذلك للحظة: ان هذا الحكم لم يكن سوى ثاني حكم يصدر عن المحكمة الجنائية الدولية على الإطلاق. وهذا يعني أنه بعد أكثر من عشر سنوات و إنفاق مليارتً من الدولارات، فقط أفضت قضية واحدة من قضايا المحكمة الجنائية الدولية لصدور إدانة.
وهذا بالكاد يعتبر سجلاً قضائياً لمدعٍ عام يدعو للفخر، و لهذا قامت فاتو بنسودا بالإستئناف.
الآن، و بعد ثلاث سنوات و إنفاق مئات الملايين من الدولارات لاحقاً، تم تأييد الحكم بتبرئة السيد نغودجولو. ولكن ماذا عن الكونغو؟ لا تزال المنطقة بالعنف؛ متمردو الهوتوتملكتهم روح تحد جديدة وجرأة مصدرها تبرئة قائدهم السيد نغودجولو؛ والهيما، منافسوهم -و الذين تم إدانة قائدهم القبلي توماس لوبانغا دييلو كأحد اثنين فقط من المتهمين المدانين في واقع الأمر من قبل المحكمة الجنائية الدولية- يشعرون بخيبة أمل أكبر من جراء وعود العدالة “العالمية”. في حقبة تحتشد فيها فيها المظالم، لم تؤدي تبرئة السيد نغودجولو لشيئ يذكر بخصوص تهدئة التوترات العرقية.
من الواضح أنه ، و بعد أجيال من العنف و العنف المضاد الانتقامي بين الطرفين، لا يمكن تحميل المسؤولية عن هذه المأساة الدائمة للمحكمة الجنائية الدولية وحدها. ومع ذلك، فإن المرء لابد له من أن يكون أحد الداعمين المغالين للمحكمة لكي لا يعترف بأن فشل الادعاء يطيل أمد الصراع والمعاناة فقط.
لا يمكن أبداً تدارك سوء استخدام السلطة عن طريق المزيد من السلطة- خاصة عندما نتحدث عن مؤسسة ترفض الاعتراف بوقوع الأخطاء، ناهيك عن التعلم منها.