عليك أن تقدر وقاحة محام في لاهاي يتصرف بجبن مطلق في مطالبه بعدم الكشف عن هويته حتى وهو يدعي سلطة غير محدودة لمنظمته.
هنا، نقلًا عن The Quint، نجد ترس مجهول في آلية الغول الطموح عابر الحدود لوطنية يشرح لماذا الهند، وهي دولة غير طرف في معاهدة روما، وعلى الرغم من ذلك ملزمة بالقبض على رئيس دولة أخرى بالمثل ليست طرفا في معاهدة روما:
يوضح محام في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن الأمم المتحدة يمكن أن تتحدى الدفاع الهندي كونه ليس طرفًا في المحكمة الجنائية الدولية بموجب الفصل السابع. وهذا يمكن أن يخلق التزامًا على الدول الأعضاء مثل الهند للتعاون بموجب ميثاق الأمم المتحدة.
يقول هذا المحامي “لا يمكنك مجرد دعوة فرد مشتبه فيه بالقيام بالإبادة الجماعية إلى بلدك ثم تقول بعد ذلك أنك عضوًا مسؤولًا في المجتمع الدولي”.
وهذا، بطبيعة الحال، يطرح السؤال: ما هو هدف المعاهدة إذا كان على أي دولة العيش تحت نيرها سواء وقع ممثليها أم لا؟ هل قضية المحكمة الجنائية الدولية في حد ذاتها ضعيفة جدًا لدرجة أنها يجب عليها أن تعتمد على القوة والإكراه بدلًا من الإقناع؟
في افتتاحيته القوية بواشنطن تايمز في نهاية هذا الأسبوع أعرب رئيس السودان الجنوبي، سلفاكير ميارديت، عن الابتهاج بتحقيق الاستقلال قبل خمس سنوات، والنضال من أجل بناء حكومة مُمثِّلة ومجتمع مدني في خضم الحرب الأهلية، وخيبة الأمل المريرة من جراء ضغط وتهديد الدول الغربية له من أجل التوصل الى اتفاق سلام، الذي على حد تعبيره، “يقوض مؤسسات الديمقراطية وسيادة أمتنا بصورة مخزية للغاية.”
وفيما يلي مقتطفات من هذا المقال:
اليوم ترحب حرب الطغيان القانونية بإيفانز موناري، الذي يحظى بإحترام كبير من قِبَل كبار محامي التقاضي في كينيا، والذي “يمثل عملاء مختلفين في الاستجوابات والتحقيقات العامة. وقد ظهر أيضا للدفاع عن الهيئات العامة، ولا سيما الشرطة الكينية، وعدل الحقيقة ولجنة المصالحة، ولجنة مكافحة الفساد بكينيا في أمور عدة. وقاد بنجاح في عام 2011 العديد من المحامين الجنائيين الدوليين للدفاع عن الجنرال محمد حسين علي، الرئيس السابق لشرطة كينيا، أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي” وذلك كما ورد بالسيرة الرسمية لشركة المحاماة الخاصة به.
أفعال إيفانز موناري
أصدرت المحكمة الجنائية الدولية يوم الخميس الماضي أربعة قرارات هامة بعد أسابيع من السكون القضائي وذلك من خلال ثلاثة أجهزة مستقلة من الناحية النظرية.
أغلق الإدعاء رسميًا قضيته – بالضبط بعد عامين من بدء نظر القضية، وبعد أربع سنوات من جلسة التأكيد. أعطت الدائرة الابتدائية فرق الدفاع فرصة للطعن في سبع قضايا منبثقة عن قرارها المثير للجدل المتمثل في الاعتراف بشهادات خمسة شهود والتي قد تم انكارها من قبل.
وفي عرض جانبي بهدف التشتيت فضت الدائرة التمهيدية مذكرتين جديدتين للقبض على بول جيتشرو، وفيليب كيبكوتش بت، وهم كينيون متهمون بالتدخل في شهادة الشهود، كم أكدت على مذكرة قائمة بالقبض على والتر بارسا.
ليس من باب الصدفة أنه قد تم تسليم هذه الأحكام في وقت واحد.
بينما قد لايقع حظر الخطاب المتسم بالغباء أو ذو النتائج العكسية تحت ما يجوز وصفه بالفكرة الحميدة، أليس من الأفضل معرفة ما يجول بخاطر الجُهَل و مواجهة ذياك الصنف من الخطاب بوسائل المنطق و الإقناع؟ – إنه لمن المنعش أن تقر قبرص بأن الأهواء و النزوات، التعسفية للمحكمة الجنائية الدولية لا تمثل الكلمة النهائية حول ما يشكل الواقع ولا مما لا يساوره الشك من قبل الدول ذات السيادة. إن القرارت العملاقة، الطموحة، العابرة للحدود للمحكمة لا تعتبر الكلمة النهائية التي يعتد بها.
من قبرص:
وافق المشرعون يوم الاثنين على تعديل التشريعات الحالية التي تجرم إنكار الإبادة الجماعية إذا تم الاعتراف الإبادة الجماعية محل النقاش من قبل مجلس النواب.
في الأساس، القضية تدور حول الإبادة الجماعية للأرمن، والتي تصدرت المشهد الأسبوع الماضي على ضوء الزيارة المرتقبة لرئيس مجلس النواب الأرمني لقبرص بمناسبة الذكرى المائة للبإبادة الجماعية للأرمن
في وضعه الحالي، ينص القانون على أن إنكار الجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية يعتبر عملا جنائيا فقط إذا ما تم الإعتراف بالإبادة الجماعية محل النقاش من قبل محكمة دولية عن طريق قرار لا رجعة فيه.
دولة قبرص من بين 22 دولة تعترف بحدوث الإبادة الجماعية للأرمن. و لكن لأن المحكمة الجنائية الدولية لم تعترف بحدوثها، فإن إنكارها حتى الآن لا يمثل جريمة جنائية هنا.
طبقاً لتقرير لجنة الميزانية و الشؤون المالية بالمحكمة الجنائية الدولية الصادر الأسبوع الماضي، فإن كينيا قد قامت مؤخراً بتسوية “مساهماتها” المتأخرة للعام 2014 و البالغة 26,110 يورو (28,542 دولاراً).
قد يبدو هذا وكأنه مبلغ زهيد بالمقارنة الى متوسط انفاق الكينيعلى المعيشة في بلد يقل يبلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي أقل من 1500 دولاراً، ولكن بالمقارنة الى ما أنفقته المحكمة الجنائية الدولية في ملاحقتها (المتسمة بعدم الاحترافية) للقادة الكينيين، يبدو هذا المبلغ متناهياً في الصغر.
يتضح هذا بالنظر للتنويهين الصادرين عن المحكمة الجنائية الدولية (الاول البالغ 1,369,900 يورو (1,522,091دولاراً) الصادر في السادس و العشرين من يونيو 2014 و التنويه اللاحق المعدل البالغ 782,900 يورو (870,295 دولاراً) الصادر في العاشر من اكتوبر2014) بتقدير التكلفة اللازمة لمباشرة انشطة الادعاء المتعلقة بالجرائم المعيقة لتنفيذ العدالة طبقاً للمادة 70 من ميثاق روما و أيضاً بتغيير أماكن إقامة الشهود و التحركات المتلبة للمساعدة في كينيا.
بطبيعة الحال، حتى مؤسسة معدل صرفها يجعلها أشبه بفرن لحرق الاموال مثل المحكمة الجنائية الدولية يمكن أن تعييد تقييم تكاليفها لمبالغ أقل بسبب فشلها المخزي – في حين، وبطبيعة الحال، تلقي باللوم على الغير و تواصل الإصرار على أن تلعب جيوش العالم غير الراغبة أصلاً أدوراً نيابة عنها- ولكن، بالنظر إلى السجل الآسف للمحكمة، فإنه من الصعب جدا أن نصدق صرف هذه الأموال بهذا الشكل أفضل للشعب الكيني من تقديم المساعدات المباشرة و/أو عن طريق منظمات المجتمع المدني النلشطة في الرعاية المجتمعية.
إن زمرةً من الموالين لحكومة عالمية من الذين يدخلون و يخرجون مرتبكين لصراعات ضروس متقلبة، غالباً ما يتركونها في وضع أكثر سوؤاً مما كانت عليه، لا يمكن اعتبار مقاربتهم ظاسلوباً متسماً بالنجاح. (مع تمني الحظ الحسن، ل إسرائيل/فلسطين!)
ربما حان الوقت لتجريب مقاربةٍ جديدة؟
قد تشعر بالقلق إزاء المحكمة الجنائية الدولية بسبب تطبيقها الانتقائي الذي ينتفي منه الخجل لمهمتها المزعومة. أو بسبب ميولها الريعية المتجذرة في حمضها النووي. أو عدم كفاءتها المسببة للظلم. أو تضييعها الكبير، و المتفشى و المتوطن فيها للموارد المالية التي كان يمكن إستخدامها بشكل أفضل من قبل مجموعة من المنظمات غير الحكومية في مكان آخر.
حسنا، فإن كارمن بافل، الأستاذة بجامعة أريزونا و مؤلفة كتاب “السيادة المقسمة: المؤسسات الدولية و حدود السيادة الوطنية”، تجنح هنا للتقليل من شأن هذه “المخاوف التافهة” عن طريق بوست منفرد نشرته على مدونة جامعة أوكسفورد متهمةً فيه منتقدي المحكمة بمحاولة “إثارة نذر الشؤم المظلمة ضد طاغوت عالمي “.
وهو شئ، كماهو واضح، مثير للسخرية …
“المؤسسات مثل المحكمة الجنائية الدولية وغيرها و التي يفترض أن تكون مهمتها حماية المستوى الأساسي من الأمن البدني، من خلال مؤسسة أقوى لإنفاذ قرارتها ، من غير المرجح أن تتحول إلى حكومة عالمية، من النوع الذي له القدرة على صياغة قوانين تقسيم المناطق، إصلاح نظم الرعاية الاجتماعية، أو الحق في الدفع بالإجازات المدفوعة الأجر.”
هل فهمتم هذه النقطة ؟ إلى أن يأتي الوقت الذي تعبث فيه المحكمة الجنائية الدولية بمراسيم تقسيم المناطق المحلية المحببة إليكم، لا تعيروا اهتماما لهذا الغول الطموح العابر للحدود و المتواري وراء الستار.
ولماذا؟
“لن تفعل المحكمة ذلك إذا كان بإستطاعة بعضنا ممن يعيشون في بلدان مختلفة و بأيديهم سلطة ترخيص، تحديد، وتقييد صلاحيات هذه المؤسسات، أن يقوموا بالتقليل من مخاطر التجاوز المؤسسي.”
إذا بإستطاعة أي شخص أن يخبرني بما تعنيه تعني هذه الجملة السابقة مستخدماً مفردات عملية منتمية لعلم اليوم؟ و سأكون مثقلاً بالشكر لمن يفغل ذلك.لأن الأمر يبدو و كأن الكاتبة تقول لا تقلقوا بشأن اساءة المحكمة الجنائية الدولية لاستخدام سلطتها لأنها لن تفعل ذلك. (إلا أن المحكمة تقوم بفعل ذلك بالفعل…)
معرفتنا بكيفية بناء مؤسسات جيدة محدودة، لكن عدم القيام بفعل أي شيئ و إطلاق الأمل في حدوث الأفضل لم يعد أمراً مقبولا في مواجهة هذه التحديات.
نوايا السيدة بافل بدون شك حسنة ولكن يبدو كما لو انها تعاني من “منطق السياسين.
بينما ينتظر تحديد مصيره على أيدي سلطات الهجرة الهولندية، قام أول شخص تمت تبرئته من تهم بإرتكاب جرائم ضد الإنسانية من قبل المحكمة الجنائية الدولية، ماتيو نقودجولو، بالموافقة على إجراء مقابلة رائعة عن سنوات سجنه التي تقارب الخمس في لاهاي. في المقابلة، عبر نقودجولو عن حيرته فيما يخص التهم الموجهة اليه. في اتهاماته (“كان هناك أشخاص أقوى بكثير. و قد قام القيادي فيFNI، فلوريبرت نقابو حتى بتقديم شهادته كشاهد، ولكن لم توجه اليه تهم. كما لم يتم توجيه الاتهام أبدا للرئيس الكونغولي جوزيف كابيلا.”). تحدث نقودجولو كذلك عن أنشطته اليومية (بناء قضيته، و لعب التنس وكرة القدم)، و تحدث عن الروابط الغريبة التي تنشأ بين نزلاء أحدى السجون الدولية (“عندما وصلت في العام 2008 كان المكان هادئا لأنه لم يكن هناك الكثير من الناس. لوبانغا وتشارلز تايلور [الرئيس السابق لليبيريا] كانا هناك بالفعل؛ وجان بيير بيمبا [نائب الرئيس السابق لجمهورية الكونغو الديمقراطية] وغيرهمممن أتوا في وقت لاحق. لم تكن كانت هنالك أية مشاكل على الإطلاق أبدا. في الليل كنا نتناول العشاء معا.”)، و أفضى نقودجولو كذلك بمجموعة من الحكايات الأخرى المثيرة للاهتمام…
و لكن الشئ الأكثر إثارة للدهشة، مع ذلك، هو دعم نغودجولو الذى لا رجعة فيه للمحكمة! :
ما زلت أؤيد المحكمة. العالم بحاجة إلى محكمة جنائية دولية قوية وأنا أول من يدعمها. و لكن المحكمة في الوقت الراهن لا تعمل بشكل جيد. نحن بحاجة لدعم و تأييد الناس و السياسيين حتى تتمكن المحكمة من أن تحاكم الجميع. في الوقت الحالي الكثير من الناس لا تتم محاكمتهم لأسباب سياسية.
اليكم في هذه الوقفة ثلاثة أفكار بخصوص جملة الوصف المبالغة تبخيساً لسوء أداء المحكمة: ” في الوقت الراهن لا تعمل بشكل جيد”:
دعونا نركز حديثنا عن ذلك للحظة: ان هذا الحكم لم يكن سوى ثاني حكم يصدر عن المحكمة الجنائية الدولية على الإطلاق. وهذا يعني أنه بعد أكثر من عشر سنوات و إنفاق مليارتً من الدولارات، فقط أفضت قضية واحدة من قضايا المحكمة الجنائية الدولية لصدور إدانة.
وهذا بالكاد يعتبر سجلاً قضائياً لمدعٍ عام يدعو للفخر، و لهذا قامت فاتو بنسودا بالإستئناف.
الآن، و بعد ثلاث سنوات و إنفاق مئات الملايين من الدولارات لاحقاً، تم تأييد الحكم بتبرئة السيد نغودجولو. ولكن ماذا عن الكونغو؟ لا تزال المنطقة بالعنف؛ متمردو الهوتوتملكتهم روح تحد جديدة وجرأة مصدرها تبرئة قائدهم السيد نغودجولو؛ والهيما، منافسوهم -و الذين تم إدانة قائدهم القبلي توماس لوبانغا دييلو كأحد اثنين فقط من المتهمين المدانين في واقع الأمر من قبل المحكمة الجنائية الدولية- يشعرون بخيبة أمل أكبر من جراء وعود العدالة “العالمية”. في حقبة تحتشد فيها فيها المظالم، لم تؤدي تبرئة السيد نغودجولو لشيئ يذكر بخصوص تهدئة التوترات العرقية.
من الواضح أنه ، و بعد أجيال من العنف و العنف المضاد الانتقامي بين الطرفين، لا يمكن تحميل المسؤولية عن هذه المأساة الدائمة للمحكمة الجنائية الدولية وحدها. ومع ذلك، فإن المرء لابد له من أن يكون أحد الداعمين المغالين للمحكمة لكي لا يعترف بأن فشل الادعاء يطيل أمد الصراع والمعاناة فقط.
لا يمكن أبداً تدارك سوء استخدام السلطة عن طريق المزيد من السلطة- خاصة عندما نتحدث عن مؤسسة ترفض الاعتراف بوقوع الأخطاء، ناهيك عن التعلم منها.
الناظر الى حال المحكمة الجنائية الدولية قد يجد أن الأجابة على سؤال ما إذا كان الفشل مكوناً أساسياً من مكونات المحكمة هي بكل تأكيد نعم. أجابة يمكن حتى أن تأتي من بعض أخلص مساندي المحكمة.
و مما يقود لتصديق هذا هو المقال المنشور بموقع الديموقراطية المفتوحة المساند للمحكمة تحت عنوان “لا يمكن للمحكمة الجنائية الدولية القيام بالردع من دون موارد” و الذي يحاول مد يد المساعدة للتنافر الفكري الكامن في محاولة الدفاع عن سجل المحكمة البائس.
بداية المقال تعيد الشكوى بعدم توفر الدعم اللازم سياسياً، دبلوماسياً، و مالياً من أجل تمكين المحكمة من أداء المهمة التي أنشأت لاجلها. و منذ أنشاءها في 2002، تعوز المحكمة القوة اللازمة لاداء مهامها. و بالاضافة لذلك فإن علاقة المحكمة بمجلس الامن الدولي علاقة تمتاز بالاشكال.
تمت إحالة قضيتين من مجلس الامن الدولي لللحكمة الجنائية الدولية، إحداهن من ليبيا و الأخرى قضية دارفور بالسودان. و في العشر السنين التي مضت منذ إحالة الأخيرة للمحكمة، لم يمثل من بين المتهمين أمام المحكمة إلا واحد بينما توفي آخر و ما يزال الأربعة المتبقون
أحراراً. أما رئيس السودان الذي تتهمه المحكمة بإرتكاب جرائم ضد الإنسانية و مذابح جماعية فما تزال الدول التي يزورها، حتى أعضاء المحكمة، ترفض أعتقاله و ما يزلا السودان يرفض الإعتراف بسلطة المحكمة.
ببساطة، يرفض العالم لعب دور شرطي المحكمة لأسباب يفترض أنها و اضحة. و لذا تستمر المحكمة في الفشل. قد تبدو تلك حجة فشلها، و لكنها ليست حجة تتسم دوماً بلأنها مناسبة كما سنرى.
مشكلة التمويل مثلاً قد أضحت أكثر وضوحاً للعيان في العام 2014 في أعقاب تقديم فرنسا مدعومةً بستين دولة لمشروع قرار بإحالة إحدى أفظع الحالات الإنسانية في هذا العصر و هي قضية سوريا للمحكمة الجنائية الدولية. قامت فرنسا و روسيا بأستخدام حق النقض ضد القرارو لم يمر. و لكن حتى في حلا تمرير القرار فإن الإفتقاد للدعم السياسي و الدبلوماسي و المالي كان كفيلاً بأن تفشل المحكمة في إنجاز شئٍ يذكر و كان سيكون هذا كفيلاً بأن يخلف المحكمة في وضع أكثر ضعفاً.
إذن فإن المحكمة الجنائية الدولية تفشل حال لم يقم مجلس الأمن الدولي بإحالة القضايا إليها. و ستفشل أيضاً حال تمت إحالة القضايا إليها من قبل المجلس. و هذا يجعلنا نرى نمطاً يعتري المحكمة و أداءها هنا. و هذا بدوره يثير نقطتين هنا:
في آخر الأمر، قد لا تصدق عندق قراءة المقال المنشور في موقع الديموقراطية المفتوحة أن الحديث يدور عن مؤسسة “هي ببساطة أكثر تكلفة للمال و تمور بعدم الكفاءة بشكل يصعب تبريره.” كما وصفها ديف دافنبورت بشكل يصعب نسيانه في فوربس.
إن المحكمة ٍقد صممت في الأصل للتأكد من أن جرائم الحرب والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية لن يتم تجاهلها، و من المفترض أن تقرض المحكمة وجوداً قوياً بما فيه الكفاية ليسهم في منع وقوع هذه الجرائم. ولتحقيق هذه الغاية، فللمحكمة 34 من القضاة، ما يزيد على 700 موظف، وتبلغ ميزانيتها السنوية 166 مليون دولار. يقولون انه لا يمكنك تحديد ثمن للعدالة و لكن أن تكلف ادانة أحد امراء الحرب 500 مليون دولار فهذه تكلفة تبدو عاليةً بكل المقاييس. وما الذي يفعله 34 من القضاة كل يوم؟ ليس عليك ان تكون خبيراً قانونياً لتعرف أن التأثير الوقائي من لإدانة 2 من أمراء الحرب خلال 12 عاما لا يجعل مجرمي الحرب الدوليين يرتجفون من الرعب.
مرة أخرى يتم أخبارنا بأن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) قد قامت مرة آخرى بإحالة دفعة من أعداء الثقافة العدميين للمحكمة الجنائية الدولية- وهذه المرة بخصوص الدمار الذي لحق بمزارات إسلامية من القرن الخامس عشر في تمبكتو عن طريق متمردين ذوو صلة بالقاعدة.
وفقا لتقرير لوكالة فرانس برس، فإن المديرة العامة لليونسكو، إيرينا بوكوفا قد قالت: “قبل شهرين التقيت بالمدعية العامة وأعتقد أنهم يحرزون تقدماً سريعاً، وآمل أن يكونوا مستعدين قريباً للترافع في القضية أمام المحكمة الجنائية الدولية”.
يبدوالامر عظيماً، ولكننا نطرح نفس السؤال اللذي طرحناه في مارس اذار عندما كانت بوكوفا تهنئ نفسها بإحالة “داعش” إلى المحكمة الجنائية الدولية على خلفية الدمارالذي لحق بالقطع الأثرية في الموصل وتعد بأن قرار الإحالة الجرئ الذي اتخذته سوف “يقوم بتعبئة جزء كبير من المجتمع الدولي”-و لمن لأي غاية؟ و كيف سيتم هذا الحشد؟
و يمكن القول بكلمات أخري أنه:
يبدو من غير المحتمل جدا أن عصابة من العدميين من الذين يقومون بجعل نقاط التفتيش العسكرية محروسة بجنود يبلغون من العمر اثني عشرة عاماً، و يقومون بحرق الأسرى على قيد الحياة، و يقومون بقطع رؤوس المدنيين غير المقاتلين بابتهاج أمام الكاميرا من أجل تحميل الفيديوهات على اليوتيوب ، ولا يفوتون فرصة لابراز حرصهم على الاستشهاد، سوف يكونون نفس النوع من الناس الذين يستبد بهم القلق بشأن رأي المجتمع الدولي.
ولكن دعونا نفترض، من أجل إقامة الحجة، أنهم من هذا النوع من الناس. لم يجب أن أن نخشى تتملكهم الخشية من المحكمة الجنائية الدولية- وهي المنظمة التي، بعد أكثر من عقد من الزمان و إنفاق 1 مليار دولار، قامت بالضبط بإنجاز إدانتين فقط في مقابل مواقف محرجة لا تعد ولا تحصى بجانب الفشل المتكرر؟
وإذا كان الغرض من المحكمة الجنائية الدولية -كما يتضح من سجلها الآسف، و هوسها الاحادي بمقاضاة البلدان التي لا حلفاء أقوياء لها بشكل انتقائي، و إفتخارها الزائف بالنزاهة – ليس في الواقع إحقاق العدالة الدولية أو حتى الردع، فما هو الغرض إذن؟
الجواب، في أكثر الأحيان، يبدو أنه هو: إنما هي أداة للقوى العظمى لفرض إرادتها وربما أغلى مصنع لإصدار البيانات الصحفية في تاريخ البشرية يعبر عن حالة الغضب المغموسة في العجز.
بإمكان بوكوفا إنشاء حساب للتجريح على تويتر بدلاً عن ذلك- و يمكن الرهان على أنه سيكون فعالاً بنفس القدر و أقل تكلفة بشكل كبير…
من الواضح أننا لم نتوقف من الضرب على الطبل لحظة في هذا المجال، و لكن بعيداً عن ذلك لم تتوقف المعارضة للمحكمة الجنائية الدولية و ما فتئت مكانة هذه المعارضة في أن تصبح أقل وأقل هامشيةً كل يوم في الحوار الوطني والدولي بشكل عام.
الأسبوع الماضي لاحظنا التوبيخ اللاذع للمحكمة من قبل شيكاغو تريبيون، ولكن حتى هذا الهجوم الوحشي يتضاءل بالمقارنة إلى النقد المدمر من قبل السفيرة الأمريكية السابقة والعضوة الرئيسية حالياً بمجلس العلاقات الخارجية جينداي فريزر في نهاية هذا الاسبوع في صحيفة وول ستريت جورنال.
“للأسف، فإن الأمل في وقت مبكرفي أن “الولاية القضائية العالمية” ستنهي حالة الإفلات من العقاب لمرتكبي جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية قد فقد مكاتنه و حلت محله السخرية، سواء في أفريقيا أو الغرب”. و ذهبت إلى القول بأنه: “في أفريقيا يعتقد أنه في غمرة الإندفاع الاندفاع لإثبات قوتها، فإن هذه المحاكم والمدافعين عنها كانوا على استعداد أكثر من اللازم لإزاحة الاعتبارات العملية الواجبة في التقاضي و التي يدافعون عنها في أوطانهم..”
آه، نعم، إقتدوا بقولنا لا بفعلنا…
و أكثر:
“و في الغرب، فإن السخرية ربما تكون حتى أكثر ضررا لأنها تشكك في القدرات الأخلاقية للأفارقة وقادتهم، و تقود لإحياء لغة الأبوية وهمجية الأجيال السابقة “.
وبعبارة أخرى، فإن “موروثات الإستعمار التي لا تموت”.
و تمضي فريزر لرسم صورة مصغرة ممتازة تبين كيفية كيف أن المحكمة الجنائية الدولية – وكذلك مفهوم “الولاية القضائية العالمية” – قدأنتهى بهما الأمر خارج مسارهما:
لم يكن من المفترض أن يكون الأمر بهذه الطريقة. بعد الفشل في منع الفظائع الجماعية في أوروبا وأفريقيا في عقد التسعينات، برز إجماع قوي على أن مكافحة الإفلات من العقاب قد أصبح أولوية دولية. عقدت الأمم المتحدة المحاكم المتخصصة للحكم على مدبري الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية في يوغوسلافيا ورواندا وسيراليون. وكانت هذه المحاكم بطيئةً للغاية ومكلفة. ولكن ولاياتها كانت واضحة و محدودة، و قد ساعدت الدول لفتح صفحة جديدة والتركيز على إعادة البناء.
الفرق بين “ولاية واضحة ومحدودة” و الولاية الريعية التي لا نهاية لها للمحكمة الجنائية الدولية، يمكن للمرء أن يتذكر هنا، أه السبب الذي لأجله رفض النائب رون بول لاهاي بإعتبارها استمرارا لنورمبرغ.
و سرعان ما اعتبرت الولاية القضائية العالمية على أنها ليست فقط وسيلة للعدالة، ولكن أيضا أداة لمنع الفظائع في المقام الأول. و قد قامت عدة بلدان في أوروبا الغربية بما في ذلك إسبانيا والمملكة المتحدة وبلجيكا وفرنسا بتخويل محاكمها الوطنية بسلطة الولاية القضائية العالمية. ثم في عام 2002 دخلت المحكمة الجنائية الدولية حيز النفاذ.
كانت أفريقيا وأوروبا من الأتباع المبكرين للمحكمة و يشكلون اليوم الأكبر من عضوية المحكمة الجنائية الدولية. لكن الهند والصين وروسيا ومعظم دول الشرق الأوسط – و الذين يمثلون أكثر من نصف سكان العالم – بقوا بعيدا. و هذا ما فعلته الولايات المتحدة كذلك. القادة في كلا الحزبين شعروا بالقلق من ان محكمة فوق وطنية غير قابلة للمساءلة ستصبح مكانا للمحاكمات الصورية و المسيسة. و السجل الحافل للمحكمة الجنائية الدولية والمحاكم الأوروبية التي تعمل تحت الولاية القضائية العالمية عزز هذه المخاوف بما فيه الكفاية.
وتجدر الإشارة، لانه ما يزال مصدر قلق.
ولكن بما أن الدول القوية قادرة على حماية أنفسها و من تنوب عنهم، فقد تحملت أفريقيا وطأة الاتهام. و بعيدا عن السعي من أجل تحقيق العدالة للضحايا، فقد أضحت هذه المحاكم مكانا لتدريبات العلاقات العامة من قبل الجماعات الناشطة. و أما داخل البلدان الأفريقية، فيتم التلاعب بها من قبل أحدى الفصائل السياسية من أجل تهميش آخر، و هو أمر غالبا ما يظهر في السياسة الانتخابية.
تلك هي الحقيقة.
و تمضي فريز لمناقشة الكارثة الكينية الجارية بالمحكمة الجنائية الدولية – وهي “الفاكهة المتدلية”، بحسب وصف المدعي العام السابق لويس مورينو اوكامبو – فضلا عن “اعتقال رئيس الاستخبارات الرواندي الجنرال ايمانويل كارينزي كاراكي في لندن الشهر الماضي “:
يعود تاريخ أمر لائحة الاتهام الاسبانية لأعمال القتل الانتقامية المزعومة بعد الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994 2008. في وقت لائحة الاتهام، كان السيد كارينزي كاراكي نائب قائد عمليات حفظ السلام الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي المشتركة في دارفور. وكانت القوات الرواندية تحت قيادته العمود الفقري للقوة يوناميد، وكان أدائه في دارفور بكل المقاييس مثالياً.
وعلاوة على ذلك، و حسب مراجعة للوكالات الحكومية الأميركية أجرت في 2007-08، عندما قدت مكتب وزارة الخارجية للشؤون الأفريقية، وجدت أن الادعاءات الإسبانية ضد السيد كارينزي كاراكي كانت كاذبة وغير مؤكدة. الولايات المتحدة دعمت بشكل كامل إعادة تعيينه في عام 2008 نائبا لقائد قوات يوناميد. و و كانت ستكون صورة من صور العدالة الزائفة إن قامت بريطانيا بتسليم السيد كاراكي إلى إسبانيا لمحاكمته.
أنه قد أصبح من الواضح بشكل متزايد أن المحكمة الجنائية الدولية ليست قوة من أجل الاستقرار أو الردع العالمي، وإنما قوة لا مراءلإبرازسلطتها الخاصة وهيبتها.
درس ستيفن فريلاند، أستاذ القانون الدولي في جامعة غرب سيدني، سجل المسار الحالي للمحكمة الجنائية الدولية – و هو ثلاثة عشر عاما، و إنفاق مليار دولار، وإدانة إثنينمن أمراء الحرب قليلي الذكر في إفريقيا، والعجز الكامل عن فعل أي شئ آخر في كل مكان آخر- و عليه قرر فريلاند أن الوقت قد حان لإضافة مهمة جديدة لمجموع مهام الغول الدولي ذو الطموح.
على وجه التحديد، قال انه يود أن يرى وثيقة روما، وهي الوثيقة المؤسسسة للمحكمة الجنائية الدولية، و قد عدلت لتسمح للمحكمة بمقاضاة مسببي”الضرر البيئي المستشري والمفرط أثناء النزاعات المسلحة”.
و أليكم هنا ما قاله فريلاندعن الموضوع لمجلة المحامي الأسبوعية:
أولئك الذين ينخرطون في الحروب عليهم دائماً، بطبيعة الحال، أن يأخذوا كل الإجراءات اللازمة للحد من الأضرار والمعاناة المسببة للبشر، ولكن هذا لا يعني بأي حال أن البيئة هيمتاحة للعبث بها.
بإفتراض أن هذا الأمر سيتم العمل به، فإن المدافعين عن البيئة يمكنهم أخذ مكانهم في الصف الذي سبقتهم إليه النساء و كذلك الأكراد وكثير غيرهم من سلسلة طويلة من الضحايا الذين ينتظرون خذلان المحكمة الجنائية الدولية لهم.
رفضت المدعية العام للمحكمة الجنائية الدولية (ICC) المثول أمام المحكمة العليا الكينية، على الرغم من استدعائها في قضية تهدف إلى الكشف عن لائحة سرية يعتقد أنها تحوي اسماء أولئك الذين كانوا وراء أعمال العنف التي أعقبت الانتخابات في البلاد في 2007 و 2008 .
وقد كتبت فاتو بنسودا إلى السفيرة الكينية لدى هولندا، روز موتشيري، مشيرةً إلى أنها “محصنة” من الاستدعاء من قبل القضاة الكينية، الذين “لا ولاية” لهم على شخصها، أو مكتبها أو على المحكمة الجنائية الدولية كمؤسسة دولية.
بالطبع، هذا الأمر لا يمثل مفاجأة لنا …
(Photo via ICC Flick’r page.)
أصدرت مؤسسة ديزموند و ليا توتو بيانا بشأن الخلاف الذي نشأ مؤخرا بين حزب المؤتمر الوطني الافريقي، و قاض من جنوب افريقيا، و الرئيس السوداني عمر البشير، والمحكمة الجنائية الدولية.
وبينما يعبرآل توتو عن التفاؤل بشكل كبير بشأن الإمكانات المستقبلية للمحكمة الجنائية الدولية و إمكان أن تصبح حصنا مشرعاً ضد الإفلات من العقاب، و لكنهم و على الرغم من ذلك يذهبون بلباقة إلى إيراد المزيد من الاسباب الواضحة مما اوردناه نحن أنفسنا في هذه المساحة و التي، من وجهة نظر الأفارقة، توضح لم أن المحكمة غير جديرة بالثقة حتى بين أولئك الذين يعارضون البشير بشدة:
برفضهم الخضوع للسلطة القضائية للمحكمة، فإن بعضاً من أقوى الدول في العالم قد خلقوا بيئةً لا يشعرفيها قادة العالم بضرورة أن يخضعوا للمساءلة، بالذات القادة المتهممون من قبل المحكمة بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، و هذا ينطبق على الرئيس السوداني عمر البشير.
وقد خلقت هذه الدول القوية الأساس المنطقي الذي بناءً عليه سمحت حكومة جنوب افريقيا للبشير يدخول البلاد على الرغم من وجود مذكرة دولية لاعتقاله، ووفرت أيضاً الاساس للسماح له بالسفرالى وطنه على الرغم من صدور أمر من المحكمة العليا لجنوب أفريقيا بمنع ذلك.
إن الدلالة المستنتجة عن النسيج الأخلاقي لجنوب أفريقيا (خصوصاً وقد رفضت الحكومة نفسها ثلاث مرات للسماح للدالاي لاما بدخول في البلاد) هي نقطة فاتها قطار النقاش. إن ما سيشغل بال محبي السلام في جميع أنحاء العالم هو التآكل المتزايد لقدرة المحكمة الجنائية الدولية على العمل بشكل عادل.
و النقاط الاخيرة مساوية لسابقاتها في القسوة…
تقول مؤسسة توتو أن السبب في أن المحكمة الجنائية الدولية ما زالت تكافح من أجل إثبات نزاهتها أن بعضاً من أقوى الدول في العالم يفضلون عدم وجود محكمة من النوع الذي قد يخضعها يوماً للمحاسبة هي أيضاً.
في عالم أخلاقي، فإن البشيريكون لديه الفرصة للدفاع عن نفسه في محكمة ينبغي أن تكون جميع الدول خاضعة أمامها للمساءلة على قدم المساواة، بغض النظر عن قوتها.
بالطبع، هناك الكثير من الأسباب التي تجعل المرء متشككا حول ما إذا كان أي جسم مثل المحكمة الجنائية الدولية يمكن أن يكون حقا خالياً من التسييس الصارخ و السعي للمصلحة الذاتية للقوى العالمية القوية كفايةً لإنشائه.
و بعد الفراغ من قول هذا، فإن مؤسسة توتو محقة في إطلاق صفة النفاق هنا على المحكمة.
قمنا من قبل بالإشارة لظاهرة ممارسة بعض الدول لمفهوم تسليط العدالة الدولية على الغير و أستثناء أنفسهم منها. هذه الظاهرة تلازم المناداة بتدخل المحكمة الجنائية الدولية. و ما حدث هذا الأسبوع لا يعتبر أستثناءً للقاعدة.
أولاً، قامت برس تي في (أول قناة إيرانية للأخبار العالمية تبث الأخبار باللغة الأنجليزية على مدار الساعة) ببث التالي:
في قمةٍ يوم الأربعاء في طهران جمعت آية الله صادق أمولي لاريجاني بأعضاء سامين من السلك القضائي، قام الأول بالتعبير عن أسفه فيما يتعلق بالقصف على اليمن، البلد الفقير، ذاهباً إلى أن التدابير التي أتخذتها المملكة (العربية السعودية) في اليمن ترقى إلى منزلة جرائم الحرب حسب ميثاق روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية.
و أردف: “المسؤلون السعوديون يجب مقاضاتهم في المحكمة الجنائية الدولية كالقادة النازيين.”
و المثير للغرابة أن إيران أختارت أن لا تصادق على ميثاق روما و ألا تنضم إلى صفوف رادعي النازييين الجدد هؤلاء. و في الحقيقة، يقول المستشار القانوني لرئيس المحكمة الجنائية الدولية حيراد أبتاحي ، الجمهورية الإسلامية (إيران) “لها موقف متردد إزاء ميثاق المحكمة الجنائية الدولية يتأرجح ما بين التأييد المتحمس و التشكيك الصريح.” –تأرجح يصعب معه معرفة ما إذا كانت المحكمة تسعى وراء صديق لإيران أو عدو لها.
و في غضون ذلك في كينيا، كان نائب الرئيس الكيني وليام روتو “السياسي الوحيد في هذه البلاد الذي أستثني من لقاء وزير الخارجية الأمريكي جون كيري.”
و أيضاً، حسب مصادر دبلوماسية، فإن روتو من غير المرجح أن يلتقي بالرئيس الأمريكي باراك أوباما عند زيارته لموطن أبيه الراحل بسبب التهم المتعلقة بالجرائم ضد الإنسانية التي وجههتها له المحكمة الجنائية الدولية…
بينما كان الرئيس الكيني يلتقي بوزير الخارجية جون كيري، كان روتو يقوم بتدشين فعالية للإحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة بالفندق العالمي بنيروبي.
التقرير أيضاً إحتوى هذه الجزئية المثيرة:
من المثير للسخرية في نفس الآن أن نائب الرئيس روتو هو من أستقبل الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون و إبنته تشيلسي في مطار جومو كينياتا الدولي يوم الجمعة من الأسبوع الماضي.
و هذه لعبة التقرب من كلا الطرفين الكلاسيكية لكلينتون.
و لكن هل تريد أن تعرف ما هو المثير للسخرية بحق؟ أن إدارة الرئيس الأمريكي أوباما الغارقة بصبيانية في حب توجهها العصري العالمي و التي لم تظهر مقدار ذرة من الإهتمام بجعل نفسها –أو قواتها التي تستمع المحكمة بالتقرب منها من أجل إرضاء أربابها- تحت رغبة المحكمة، تنهق بشكل شديد العلانية منذرة بعقاب الآخرين ممن وقعوا في مرمى تصويب المحكمة:
قبل الإنتخابات الرئاسية الكينية في العام 2013، حذرت القوى الغربية بإشارات قوية من إنتخاب إثنين من المشتبه بهما يواجهان خطر المثول للمحاكمة في المحكمة الجنائية الدولية و حذرت من الامر سيكون له “عواقب” بالنسبة للبلاد دولياً.
و قال مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون أفريقيا في ذلك الحين جوني كارسون: “إن للإختيارات عواقبها.”
هنا إحدى الأشياء التي يبدو أن حكومتي إيران و الولايات المتحدة تتفقان عليه: ما يناسب الأوزة ليس مما يناسب ذكر الأوز عندما يتعلق الأمر بالمحكمة الجنائية الدولية.
كاتبا في موقع الديلي بيست، عدد أندرو نوفاك قائمة مقنعة من الأسباب التي توضح لم أن فلسطين «ليس من المرجح أن ترى نتائجا مترتبة على ملاحقة قضائية من [المحكمة الجنائية الدولية] لسنوات عديدة، أو على الإطلاق.”
“إحالة فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية أمر محفوف بالمخاطر،” كتب نوفاك، “إن المحكمة الجنائية الدولية قد تحاكم جميع أطراف النزاع، وهذا يشمل الجرائم الفلسطينية وكذلك الإسرائيلية. المزاعم بأن مقاتلي حماس يستخدمون دروعا بشرية و يطلقون صواريخ غير مستقرة في طبيعتها تجاه المناطق المدنية، إذا تم إثباتها، ستمثل بشكل شبه مؤكد جرائم حرب. على النقيض من ذلك، الادعاءات ضد إسرائيل معقدة أكثر من ذلك بكثير، وإلى حد بعيد: هذه تتضمن على سبيل المثال ما إذا كان الجيش الإسرائيلي اصدر إنذارا قبل وقت كاف قبل مهاجمة المباني السكنية أو ما إذا تسبب في أضرار جانبية مفرطة نتيجة ملاحقة مقاتلي حماس من غير ذوي الشأن. و مشروعية المستوطنات الإسرائيلية هي المسألة الأعقد من بين جميع القضايا، وهي ليست قضية يعتبر المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية او قضاتها في وضع جيد للإجابة للتعامل مها كخبراء في القانون الجنائي. سيعتري الأمر الفوضى “.
فوضى؟ إذن هذا مما إعتدناه من المحكمة الجنائية الدولية!
ومن الواضح أن قيادة فتح لابد من أنها قد قامت بقاربة هذه السيناريوهات.
فلم المتابعة؟
بسيطة. أنهم يقدرون- كما فعل آخرون من قبل- أن المحكمة الجنائية الدولية، و بينما هي عديمة الفائدة تماما كمحكم في أمر العدالة العالمية أو كآلة ردع ضد جرائم الحرب، مع ذلك تمتلك شهوة تثير السخرية للسلطة (فضلا عن تجاهلها التام لكل من الفوضى التي يخلفها هوس المحكمة بممارسة السلطة و لضحايا هذه الفوضى) مما يجعلها مفيدة كأداة للحرب بوسائل أخرى.
إن الرسالة السامية للمحكمة الجنائية الدولية هي، وبعبارة أخرى، لا صلة لها هنا بالموضوع تماما- هي فقط مجرد مجرد جهاز للتحريض على الأعمال فصل جديد من المأساة التي استمرت، و يكاد يكون في حكم الؤكد أن تتجاوز، وجودها.
و من أجل تضخيم نفسها في وسائل الإعلام وأمام أنصارها العصريين ذوي التوجه العالمي، يظهر العملاق العالمي (المحكمة) الطموح أكثرمن مستعد لدخول أكبر دار للذخيرة في العالم ملوحا شعلة قوامها نشرات صحفية مستمناة و مذكرات قانونية لا معنى لها.
مرة أخرى، يقول نوفاك:
إن عضوية فلسطين في المحكمة الجنائية الدولية من المرجح أن لها دوافع سياسية تهدف إلى انتزاع تنازلات من إسرائيل. إذا كان التهديد بإتخاذ إجراء من قبل المحكمة الجنائية الدولية سيحفز إسرائيل على إجراء تحقيقات بشأن ممارستها الخاطئة المزعومة ، وهذا وحده يمكن أن يكون نجاحا من وجهة النظر الفلسطينية. و إذا كان مثل هذا التهديد سيبطئ النشاط الاستيطاني أو يردع العمليات العسكرية الإسرائيلية في المستقبل، هذه الأشياء أيضا يمكن أن تعتبر نجاحات.
و أخيرا، قد تكون عضوية فلسطين قد تكون جزءا من لعبة شطرنج سياسية داخلية بين حماس التي تسيطر على قطاع غزة، وفتح، الحزب الحاكم في الضفة الغربية. حركة فتح، حزب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، هي من قامت بالإحالة للمحكمة الجنائية الدولية، ولكن حماس هي المسؤولة في المقام الأول عن جرائم الحرب المزعومة الفلسطينية. على الرغم من أن حركة فتح ستقابل بالإستياء إن هي أعترفت علنا بهذا، و لكن تحقيق المحكمة الجنائية الدولية في الوضع الفلسطيني يمكن أن يكون محاولة من حركة فتح لتعزيز موقفها ضد حماس.
آه، إن المراقب الذي من المفترض أن يكون غير ذو مصلحة تبين أنه لاعب أناني آخر يمكن التلاعب به، إدارته، و/أو استغلاله.